بسم الله الرحمن الرحيماللهم صلي على محمد وآل محمدولادته : وُلد سنة مائة وسبع للهجرة .
صفاته وسيرته : كان حسنَ الوجه ، أبيض البشرة ، قطط الشعر ، قوي النفس ، شجاعاً مقداماً ، لا
تُرهبه الكثرة ولا تُثنيه الوحدة .
ومن كلامه في بعض مواقفه : (
عبادَ الله ، إن الأجل يحضره الموت ،
والموت طالب حثيث لا يَفوتُه الهارب ، ولا يُعجزه المقيم ، فاقدموا - رحمكم الله -
إلى عدوكم ، والحقوا بسلفكم ، أقدموا إلى الجنة فإنه لا شَرفَ أشرف من الشهادة ،
فإن شرف الموت قَتْلٌ في سبيل الله ) .
ولا يرتاب في موالاته للأئمة الإثني عشر ( عليهم السلام ) كل من يقرأ قوله
المروي في سَنَد الصحيفة السجادية الكاملة ، حين قال له المتوكل بن هارون البلخي :
(
أهُم أعلمُ - يعني الأئمة - أم أنتم ؟ فأطرق – يحيى – إلى الأرض ملياً
وقال : كلٌّ له عِلم ، غير أنهم يعلمون كل ما نعلم ، ولا نعلم كل ما يعلمون
) .
وقوله فيه : (
واللهِ يا متوكل ! لولا ما ذكرتَ من قول ابن عمي - جعفر -
أني أُقتل وأُصلب لما دفعتها - الصحيفة – إليك ، ولكنتُ بها ضنيناً ، ولكني أعلم أن
قوله حق أخَذَه عن آبائه وسيَصح ) .
وقوله للمتوكل في حق الإمام الصادق ( عليه السلام ): (
نَعَم ، هو أفقهُ بني هاشم ) ، وهذه المصارحة
تدلنا على اعترافه بإمامة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وحُسن عقيدته وتبصره
بالأمر .
ويؤيده بكاءُ الإمام الصادق ( عليه السلام ) عليه وشدة وَجْده وترحمه عليه ، ولو
لم يكن بالمنزلة العالية وكان عاصياً له في الخروج لما بكى عليه وترحم له .
أسباب الخروج إلى خراسان : بعد شهادة أبيه زيد ( عليه السلام ) ضاقت عليه الكوفة برُحبها لِما شاهده من غدر
اُولئك العُتاة وتقاعدهم عن نُصرة أبيه ، وخاف أن يُؤخَذ غِيلة ويؤتى به إلى الوالي
.
وعندها عزم على التوجه إلى خراسان لأن فيها شيعته وشيعة أبيه وأجداده ، بعد أن
شار عليه بعض مَن أصدقهم العهد والميثاق من ( بني أسد ) فأشار عليه بذلك .
وسار يحيى إلى ( المدائن ) ، وهي يومئذ طريق الناس إلى ( خراسان ) ، ثم سار منها
إلى ( الري ) ، ومنها أتى ( سرخس ) ، ثم خرج منها ونزل في ( بلخ ) ، حتى هلك هشام
بن عبد الملك ، وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك .
شهادته : سَرَّحَ إليه نصر بن سيار بن سلم بن أحوز في ثمانية آلاف فارس من أهل الشام
وغيرهم ، فالتحقوا به في قرية تدعى ( أرغوى ) فقاتلوه ثلاثة أيام بلياليها .
ثم اشتد القتال فقُتل جميع مَن كان مع يحيى وأُصيب يحيى بِنَشَّابَة في جبهته
وقيل في ( صدغَيه ) ، فمات من وقته ( رضوان الله عليه ) ، ولُعن قاتله وخاذله .
وكانت شهادته وقت العصر يوم الجمعة سنة ( 125 هـ ) .
وبُعث برأسه إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، فبعثه إلى المدينة وجيء إلى أمه
ريطة بنت أبي هاشم بن محمد بن الحنفية ، فقالت حينما نظرت إليه : ( شرّدتموه عني
طويلاً ، وأهديتموه إلي قتيلاً ، صلوات الله عليه وعلى آبائه بُكرةً وأصيلاً )
.
ثم صُلب على باب مدينة ( الجوزجان ) ، وبقي مصلوباً طرياً إلى أن ظهر أبو مسلم
صاحب الدعوة لبني العباس ، فإنه أنزل جسده وصلى عليه ودفنه هناك .
وأظهر أهل خراسان النياحة على يحيى سبعة أيام حيث أمنوا على أنفسهم سلطان بني
أُمية ، وفي هذه السنة لم يولد مولود بخراسان إلا سُمِّيَ بـ ( يحيى أو زيد ) .